رحلة ممتعة مع موسوعة المملكة العربية السعودية لتوثيق جزء تاريخي من السعودية يتمثل في نجران وما تحويه من ثروة ومجتمع قبلي صنع عاداتها وتفاصيله ابا عن جد عبر التاريخ القديم !! بصحبة ابو عايض وأبناءه
ابو عايض من رجالات الصحراء ومن نشأوا من رمالها الصغيرة حينما لفحت وجوههم لتمنحهم دروسا للتعايش مع الطبيعة ، فبالرغم من تيسر عيشه وغناه إلا انه يعيش متنقلا بين حلاله وجماله ونياقه ، يقتات من خيراتها وبركتها وما تمنحه من حليب ووبر وأنس وسلوى .
ابو عايض يترجل عن سيارته بعد ان تعلقت في الرمل الناعم في موقف قاسٍ ، ويحمل بيده منظاره الخاص الذي يستخدمه للبحث عن جماله التي تسرح ، ولكنه هذه المرة ممسكا به باحثا عن أثر لابنه الكبير ليعطيه اشارة للانقاذ !!
نظرات استشراف على وجوه أبناء ابو عايض عندما سألته عن دراسة أبناءه وأشار لي فورا لسياراته الجديدة من آخر موديل صنع ويقول : (هذي السيارات مركونة والمدرسة بعدها ٣٠ كيلو ومن أراد العلم فهو يستحقها ومن أراد البقاء فمن هنا عشنا وبقينا وسنبقى بإذن الله )
التراث النجراني بلونه البني وحدوده الجبسية البيضاء وتلك التدرجات التي تحيط به لتصنع منه رمزا تاريخيا جميلا رغم بساطة ألوانه وعناصره الا انك تستطيع تمييزه عن غيره من البيوت الطينية في الجزيرة العربية ، غرفه الواسعة و مدافئه التي صنعت تاريخ القهوة ومعبر مرورها للعالم لا بد ان تميز هذا الصرح الجميل
هذه التشكيلات الجميلة صنعت بأيدي بنات أبو عايض اللاتي يعشن خلفه ويشاركون فنهم الفطري بنسج هذه الرسومات على السدو حينما يقمن برسم (الوايت) وهو يسقي جمالهم ، الحية والعقرب ، الجبال والشجر ، المرح ، مختوم بعبارة (ماشاء الله )

طرق الربع الخالي بلا معالم وبلا اشارات هي حدس وفطنة وذاكرة جمل تجعل السير في اتجاهاتها لعبة خطرة قد تنجو منها وقد تغدر بك كثبانها المفاجأة عندما تفاجأك على حين غرة .
وجود نجران على طرف الجبال الجنوبية للمملكة العربية السعودية وحافة الربع الخالي صنع منها نقطة تجمع تاريخية عبر الازمان حيث شكلت مستراحا للمسافرين بواحاتها ومزارعها وآبارها المنتشرة وقبائلها التي يسعى الكل ليخطب ودها ويكسب حماها.
تكاد المدنيّة بحضارتها أن تنازع نجران تاريخها وحضارتها عندما تشاهد الاستاذ صالح ال مريح يحادث بهاتفه النقال بجوار بقايا قلعة على مشارف احدى القرى ، ولكن نجران بتراثها وطعمها الاصيل ورقصاتها المرحة تأبى للمدينة أن تلبس ثوبها وجنبيتها العريقة
الحياة النباتية الفقيرة في الصحراء هي التي تدفع سكانها للبحث عن مواطن النبات و (الحيا) كما يقول ابو عايض حيث المطر يمسح على الافق بكف أخضر تحيا به الماشية ويستدفئ بها رعاتها ويطبخون بها طعامهم .
عايض وبعض إخوانه يبتسمون لكاميرتي حينما مازحته بأن يمنحني مثل جنبيته الجميلة التي يطرز بها خاصرته وأجابني ضاحكاً بأنها قد تكلفني بيع جميع كاميراتي وعدساتي للحصول على واحدة مثلها مصنوعة من البرق حينما يسقط على الصخر ليصنع معدنا حديديا يستطيع بقوته وحدته قطع الحديد !! حينها استطرد قائلا بأنها زينة رجال لا تباع ولا يقاتل بها ولا تقدر بثمن اذا عرفت بها .